قصه الشيخ عرفان الشيخ عرفان – نيار
خبطت على الباب مرتين تلاتة لحد ما اتفتح، ومع فتحته لقيت قدامي الشيخ عرفان اللي بص لي باستغراب وقالي…
-محمد!.. ايه الزيارة المفاجأة دي؟
-مافيش.. لقيت حضرتك مش عايز تجيلنا، قولت اجيلك انا.
-طب تعالى.. ادخل يا محمد.
سابني و دخل، فدخلت وراه على طول وقفلت الباب ورايا، قعد على الكنبة وهو بيشاورلي اقعد، قعدت قدامه وانا بكح من ريحة البخور اللي معبية الشقة وسألته…
– ايه الريحة دي يا شيخ عرفان؟
– ها، لا مافيش كنت ببخر البيت بس عشان الكتمة.
كحيت شوية وبعدين قولتله بابتسامة خفيفة…
-ملك بتسألني جدو مابيجيش ليه بقاله أسبوع، ماعرفتش أرد عليها، فجيت اعرف حضرتك مابتجيش عندنا ليه، انت زعلان مننا في حاجة؟
-هزعل منكوا ليه يابني؟!.. انا بس كنت محتاج اقعد لوحدي الفترة اللي فاتت.
– ليه؟.. مالك يا شيخ عرفان؟
– مافيش حاجة يا محمد، مافيش حاجة يا حبيبي، اطمن، بس قولي صحيح، ياسمين عاملة ايه؟
– هي كويسة، بس بصراحة قلقانة عليك جداً، خصوصاً انها بقالها اسبوع بتتحايل عليك عشان تشوفك، بس حضرتك رافض ومكتفي بمكالمة تليفون واحدة كل يومين، بس انا بقى قولتلها اني هاجي اشوفك حتى لو هتزعل مني.
– انا عمري ما ازعل منكوا يابني، انا بس ماكنش ليا نفس أخرج اليومين اللي فاتوا.
– موضوع حماتي والكلام اللي قاله أزاد.. مش كده؟
– عشان خاطري يا محمد بلاش تتكلم في الموضوع ده.
– لا عشان خاطري انت يا شيخ عرفان طمني عليك وقولي، ايه اللي بيحصل؟
– مافيش حاجة يا محمد قولتلك، انا بخير.
– لا مش حاسك بخيـ…
في اللحظة دي الباب خبط، بص لي الشيخ عرفان باستغراب وقالي…
– هو انت قولت لياسمين تيجي وراك؟
– لا، استنى حضرتك انا هقوم اشوف مين؟
قومت فتحت الباب وساعتها لقيت عم عبدالواحد ومعاه الأسطى عطوة، سلمت عليهم و طلبت منهم يدخلوا، وقتها قالي عم عبد الواحد وهو بيكح جامد…
– يا ستار يارب، ايه الريحة دي يا محمد، انتوا قاعدين كده ازاي؟
رد عليه الشيخ عرفان وقاله…
– ادخل يا عبد الواحد.. يعني هي الريحة دي جديدة عليك!
– لا بس الواحد صدره مابقاش يستحمل زي الأول.
أكد الأسطى عطوة على كلامه لما قال…
– الريحة صعبة فعلاً يا عرفان، انت صدرك مش تاعبك؟
بص لي وقالي…
– انت جايبهم عشان يقطموني على ريحة البخور؟
– ها، لا.. انا اصلاً ماعرفش انهم جايين.
– ياض مابتعرفش تكذب وبتتفقس على طول.
– فعلاً.
– طبعاً، دي أهم حاجة بتعجبني فيك، انك أبيض ومابتعرفش تكذب، أصل الكذب ده مرض ومابيتعالجش، والمصيبة بقى إن آخرته النار والعياذ بالله.
– ربنا يبعدنا عنها، انا فعلاً عديت عليهم وطلبت منهم يجوا عشان تخرج من اللي انت فيه ده.
– هو ايه اللي انا فيه يا محمد؟!… ما انا كويس و زي الفل قدامك اهو.
رد عم عبد الواحد عليه…
– لا يا عرفان انت مش كويس ولا زي الفل، ده انت يا راجل بقالك اسبوع مانزلتش الجامع، غير في صلاة الجمعة وطلعت على طول.. طلعت حتى من غير ما تتكلم مع حد، مالك يا اخويا.. احكيلنا؟
اتنهد الشيخ عرفان بزهق…
– يا جماعة انا كويس ومافيش حاجة، لما يبقى في حاجة صدقوني هحكيلكوا، انا اصلاً ماليش غيركوا، ما انتوا عارفين.
رد عليه الأسطى عطوة وقاله…
– خلاص يا عرفان احنا مصدقينك ومصدقين ان مافيش حاجة، انا هقوم اعمل شاي لنا ونقعد نتكلم في أي حاجة، مبسوط كده؟
– اه ياريت، يكون أحسن برضه.
وبما اني أصغر واحد في القاعدة و بيت الشيخ عرفان يعتبر بيتي، فعشان كده قولت للأسطى عطوة…
– خليك انت يا عم عطوة، انا هقوم أعمل الشاي.
– لا هقوم انا يا أستاذ محمد، مش عايزين نتعبك معانا.
– لا مافيش تعب ولا حاجة، الموضوع مش مستاهل.
دخلت عملت الشاي و رجعت قعدت معاهم، عم عبد الواحد خد كوبايته و رجع مكانه تاني وهو بيقول للشيخ عرفان…
– عارف القعدة دي بتفكرني بايه يا عرفان؟
بص له الشيخ عرفان باستغراب وسأله…
– بتفكرك بايه يا عبد الواحد!
– بيوم المنصورة، فاكره؟
– أكيد طبعاً.
بصيتلهم انا والأسطى عطوة باستغراب، بس فضوله كان أقوى من فضولي، وعشان كده اتكلم هو الاول وقال…
– ايه حوار المنصورة ده، ماحدش حكالي عنه يعني قبل كده؟!
ضحك عم عبد الواحد و رد عليه…
– ماكنتش انت لسه جيت يا عطوة، كنت انا وعرفان بس ساعتها اللي موجودين، او تقريباً انت كنت جيت بس كنا لسه مابقيناش اصحاب، بس كان يوم ايه، حكاية.
– لا انا كده عايز اعرف بقى اللي حصل.
– اهو عرفان قاعد اهو.. خليه يحكيلك.
رد الشيخ عرفان بسرعة…
– لا انا مش قادر احكي حاجة، خلوها يوم تاني.
قال الأسطوة عطوة بطريقة طفولية وكأنه بيتحايل عليه…
– لا يا عرفان احكي عشان خاطري.
بصله باستغراب وقاله وهو مبتسم…
– كده!.. طب يا سيدي ربنا يسامحك، بس هتحكي برضه.
قولتله انا كمان بفضول…
– اه والنبي ياعمي احكيلنا اللي حصل في المنصورة.
– مصممين يعني؟!
ردينا في نفس واحد انا والأسطى عطوة…
– اه مصممين.
– انتوا حرين بقى، بس خليكوا فاكرين ان انتوا اللي طلبتوا، وان عبد الواحد هو اللي جركوا للحكاية.
– ماشي.. قول بقى يا شيخنا.
– بص يا سيدي انت وهو…
زمان في بداياتي، وقت ما كان بقالي خمس ست سنين كده، وقبل موضوع مستورة كمان بكام سنة كده، جالي واحد مارضيش يقولي عرفني منين، قالي ان بنته بقالها فترة بتتصرف تصرفات غريبة، وبتقولهم انهم لازم يسيبوا البيت لان ده بيتها وهم مضايقنها فيه، قالي انهم ماكنوش بيهتموا بكلامها في الأول، بس بعد كده بدأت تأذيهم بطرق بشعة.. يعني مثلاً في مرة أمها كانت بتتكلم معاها وفجأة في وسط الكلام بصت لها البنت دي وبعدها الأم بدأت تحس انها بتتخنق ومش قادرة تاخد نفسها، ومرة تانية كان أخوها قاعد في الصالة وفجأة خرجت وقالت له…
بيقولي وفجأة قامت هاجمه عليه وفضلت تضرب فيه بعنف، لحد ما خرجت انا وامها على الصوت وشيلناه من ايديها بالعافية، وفضلت بعدها تصرخ وتتكلم بلغة مش مفهومة بس صوتها كان مرعب، وياريت يا شيخ تيجي معايا وتشوف ايه اللي صاب بنتي.
لما قالي كده، ماكنتش عارف أقوله ايه، بس ماقدرتش أرفض طلبه خصوصاً بعد ما اتحايل عليا كتير، وطبعاً كعادتي في أي سفرية، باخد معايا عبد الواحد، وفعلا.. الراجل سبقنا على المنصورة وانا وعبد الواحد روحناله تاني يوم، هو ماكنش ساكن في المنصورة نفسها، بس كعادة كل القرى اللي جنب المنصورة دايماً بيقولوا انهم ساكنين في المنصورة، وده يعني لأنها مدينة مشهورة بيختصروا بها شرح المكان اللي فيه بلدهم، المهم.. وصلنا القرية وهناك سألت عليه، ولما سألت، أهل البلد وصفولنا بيته، كان بيت من دورين، الباب رئيسي بيدخلك على فراندا كبيرة لفة البيت كله، كان فيها ترابيزة وكنبة بلدي وكام كرسي، تدخل يمين تلاقي باب الشقة، ندهت عليه من برة، خرج و رحب بينا بحفاوة أهل الريف المعروفة، وبعدها طلب مننا ندخل الشقة، لكني قولتله إن يكون أحسن لو قعدنا في الفراندا شوية، اهو نستريح من الطريق ونشم شوية هوا، ف الراجل استأذن مننا ودخل جوة.. فضلت اتفرج على المنظر اللي قدامي، كان جميل جداً، خصوصاً إن الفراندا بتطل على أرض زراعية واسعة وشكلها حلو، حتى عبد الواحد ساعتها قالي…
– ياه يا عرفان لو الواحد يفضل عايش هنا، أظن مش هحتاج حاجة من الدنيا، وهيبقى زي ما بيقولوا كده، الخضرا والماء و الوجه الحسن.
ضحكت على كلامه، بس قبل ما أتكلم لقيت الراجل خارج بصينية عليها كوبايتين فاضيين و شفشق مليان عصير، حط الصينية وبدأ يملى الكوبايات وهو بيقول…
– اشربوا العصير ده عشان الحر، وربع ساعة بالكتير والغدا هيكون جاهز.
– لا غدا ايه بس الله يباركلك، احنا هنشرب العصير وبعدها أشوف بنتك واخلص عشان نلحق نرجع قبل الليل ما يليل بإذن الله.
– مش للدرجة دي ياعم سيد، انا عملت ايه يعني؟
– مجيتك في حد ذاتها، وانك تخبط المشوار ده كله عشان تعالج بنتي، ده جميل عمري ما هنساهولك أبداً.
– ربنا يقدرني و أقدر أساعدها إن شاء الله.
– انا متأكد انك هتقدر تساعدها.. ده انت الشيخ عرفان.
– يا سيد كل حاجة بايد ربنا، احنا مجرد أسباب سخرها ربك على الأرض لتنفيذ مشيئته.
– ونعم بالله، إن شاء الله هتقدر، عن إذنكوا خمس دقايق و راجع.
– اتفضل.
دخل سيد جوة وساعتها بصيت لعبد الواحد و قولتله…
– انا مش مطمن للي في البيت هنا.
قرب مني وقالي باستغراب…
– ليه.. في ايه؟
– مش عارف، بس مش مرتاح، وعشان كده طلبت منه نقعد هنا، البيت ده حصلت فيه حاجة مش مظبوطة، بس لسه مش عارف ايه هي.
قالي عبد الواحد وانا لامح الخوف في عينيه…
– يعني ايه؟.. هتقدر تساعدها ولا مش هتقدر؟
– دي حاجة بتاعت ربنا، لما أشوفها الأول واعرف ايه اللي حصل.
شوية وخرج سيد ومعاه صينية أكل كبيرة، حطها قدامنا انا وعبد الواحد وهو بيقول…
– اتفضلوا يا رجالة بسم الله، مد ايدك يا شيخ عرفان.
بصيت على الصينية و انا بقوله…
– ايه ده كله يا حاج سيد، ده كتير والله.
– كتير ايه بس يا شيخ عرفان، ده انا لو أطول والله أدبحلك دبايح.
– تسلم يا راجل يا طيب، اقعد يلا عشان تاكل معانا.
– لا كلوا انتوا بالهنا والشفا، انا هسيبكوا بقى عشان تاخدوا راحتكوا، ولو احتاجتوا أي حاجة نادوا عليا بس.
– اقعد يا حاج سيد كل معانا.
– تسلم يا شيخ عرفان، لو احتاجتوا حاجة نادوا عليا زي ما قولتلك، عن إذنكوا.
عبد الواحد شمر ايديه وبدأ ياكل على طول، أما انا، فكنت ببص على سيد وهو داخل من الباب، وساعتها لمحت حد واقف عند الباب، كان بيبص لي بغضب وعينيه بتطق شرار، استعذت بالله من الشيطان الرجيم وبصيت الناحية التانية، وبعد ثواني لفيت وشي بس مالقتوش، ارتحت انه مشي ولفيت وشي لعبد الواحد عشان أكل، وساعتها.. كان واقف جنب عبد الواحد، المرة دي كان بيبص على عبد الواحد وبيضحك بخبث، شيلت ايد عبد الواحد من على الأكل بسرعة وانا بقوله…
– اوعى تاكل من الأكل ده يا عبد الواحد.
بص لي باستغراب و زعق…
– في ايه يا عرفان، انا ماكلتش حاجة من الصبح، سيبني أكل.
– بقولك إوعى تاكل من الأكل ده، الأكل ده فيه حاجة مش كويسة.
– ايه!.. يا نهار مش فايت، انت عرفت منين يا عرفان؟
– مش مهم دلوقتي، المهم انك تحاول ترجع اللي كلته، يا حاج سيد.
ندهت على سيد اللي خرج من الباب وقرب مننا بسرعة وقال…
– ايوة يا شيخ عرفان.
– معلش عبد الواحد محتاج يدخل الحمام.
– بس انا مش مزنوق يا عرفان.
– قوم يا عبد الواحد الله يباركلك.
– حاضر.
قام عبد الواحد ودخل معاه جوة وانا فضلت قاعد مكاني، سرحت في الأرض اللي قدامي، وقتها حسيت بسخونية، وفجأة، لفيت وشي، ومع لفتي لقيته قاعد على الكنبة جنبي، بصيت له بفزع، منظره كان مرعب المرة دي، لكنه اتكلم بصوت مخيف…
– ماتخافش يا عرفان، انا مش هأذيك لو سمعت الكلام.
– انت مين وعايز ايه؟
– انا مش عايز حاجة غير إن الناس دي تمشي من بيتي.
– أولاً ده بيتي انا من آلاف السنين، وانا سمحت لهم يعيشوا وسكتت طول ما كانوا قاعدين بأدبهم، لكن إنهم يفكروا ياخدوا حق مش حقهم، يبقى لازم يمشوا، وإلا.. انت عارف.
– حق إيه اللي عايزين ياخدوه؟
– اسألهم وهم هيقولوك كل حاجة، بس لازم يمشوا يا عرفان، انا حذرتك المرة دي ومأذيتش صاحبك، المرة الجاية هأذيك انت وهم ومش هتلاقي حد يحذرك، وبالمناسبة الأكل اللي صاحبك كله نضيف، بس بلاش حد ياكل منه تاني.
– بس ماقـ…
اختفى فجأة، ساعتها كان عبد الواحد راجع هو وسيد من جوة، بص لي وهو مرعوب على نفسه…
– قولي يا عرفان الأكل اللي كلته ده في ايه؟
– اطمن يا عبد الواحد مافيش حاجة.
– اومال لما هو مافيش حاجة قومتني أرجع اللي كلته ليه؟!
– خلاص بقى يا عبد الواحد مش وقته دلوقتي، انا هبقى أشرحلك بعدين، خلينا في المصيبة اللي احنا فيها دلوقتي.
– مصيبة ايه تاني؟!
ماردتش عليه وبصيت لسيد وسألته بحدة…
– ايه اللي حصل قبل ما بنتك يحصلها اللي هي فيه ده؟
بص لي بقلق كده وقال بتردد…
– ها، ماحصلش حاجة احنا كنـ…
قاطعته وانا بقوله…
– لو عايز تساعد بنتك فعلاً ترجع زي الأول وتعيشوا في أمان.. وكمان لازم تقولي الحقيقة.
– هقولك يا شيخ عرفان…
من كام سنة كده جه واحد قريبي زارني وبات عندي ليلتها، وبعد ما بات وعلى تاني يوم كده، لقيته بيقولي…
– انت تعرف يا سيد إن دارك مبنية على اثارات؟
– اثارات!.. ايه اللي انت بتقوله ده يا حمدي، هو عاد في اثارات في البلد، ما خلاص اللي طلع طلع وخلصت الليلة.
– بس يا سيد، اسكت الله يباركلك، اسكت لأني لما اقولك بيتك تحته اثارات، يبقى تحته اثارات، والسؤال الصح دلوقتي، انت قلبك ميت عشان تخرجهم، ولا هتخاف؟
– بصراحة انا ماليش في الحاجات دي يا حمدي يا اخويا، وبعدين يعني انا هحتاج فلوس الاثارات في ايه، ما انا ربنا كارمني من وسع أهو والأرض زي ما انت شايف، خيرها بسم الله ما شاء الله، يعني مش هتفرق معايا في حاجة، خليني بعيد عن المواضيع دي.
– بشوقك، بس الخير اللي تحت بيتك كتير، كتير أوي، خسارة تفوته.
بعد ما حمدي مشي دماغي بدأت تودي وتجيب، ياترى لو كلامه صح، الحاجات دي هتعمل فلوس قد ايه؟… ماكنتش عارف أي حاجة، بس ساعتها اللي جه في بالي رقم كبير، يجي خمسة ستة ماليون جنيه، اتخضيت من الرقم، وبدأت أفكر في الموضوع أكتر، بس بعد كام يوم شيلت الموضوع من دماغي وبدأت أنسى، لحد ما رجع حمدي و زارني بعد مدة، ووقت زيارته فاتحني في الموضوع من تاني، بس المرة دي بقى قالي…
– انت عارف اللي تحت دارك ده ايه، ده كنز ولا كنز قارون، مقبرة كاملة لواحد من حاشية ملك مصر.
– واحد من حاشية ملك مصر!.. و ايه اللي هيجيب واحد زي ده يسكن تحت داري؟!
– يسكن تحت دارك ايه يا عم سيد، ما تصحى للكلام!.. ياسيدي البلد دي زمان كانت عاصمة من عواصم مصر، زي اسكندرية كده ايام الإسكندر.
– بلدنا دي كانت عاصمة مصر!
– ايوة.
– شكلك بتسرح بيا ياض يا حمدي، انا كنت بدأت أصدقك، بس بعد ما قولت ان بلدنا دي كانت عاصمة مصر، اتأكدت انك خَرفَان.
– خَرفَان!.. والنبي انت اللي جاهل وهتفتقر بسبب جهلك دهون، انا مش عارف ازاي عايش في بلد ومش عارف تاريخها!.. اسمع يا جاهل، مصر زمان تاريخها اتقسم لعصور وأسر، كل أسرة أو أسرتين كان بيبقى ليهم عاصمة، وبلدكوا بقى كانت عاصمة لأسرة من الأسرات دي.
– ودي أسرة ايه؟
هرش في دماغه وهو بيقولي…
– امم، بص انا مش فاكر، بس هي كانت أسرة في الأواخر، وعشان كده سموه العصر المتأخر.
– وحياة أمك!.. سموه العصر المتأخر عشان كانت أسرة في الأواخر، ايه الاستسهال ده يا والا؟!
– خلينا في المهم، انت عندك استعداد نحفر ونطلع الكنز ده ولا لا؟
– نطلع!.. انت بقيت شريك في الحكاية خلاص؟
– مش انا اللي قولتلك عليه، يبقى ليا نصيب، ولا ايه؟
– ايوة صح، بس لا.. انا مش هعمل حاجة ياعم، انا مش ناقص يطلعلي عفريت ولا يطلعلي حاجة من اللي بنسمعوا عنها، حاجة من اللي بيقولوا عليها لعنة الفراعنة ديت.
– يا عم لعنة فراعنة ايه بس!.. انا هقولك، الموضوع كله مالوش دعوة بلعنة الفراعنة، الفكرة كلها إن التربة بتبقى مقفولة سنين طويلة وده بيخلي الهوا اللي فيها فاسد ومعبي بقى بكتيريا على بلا أزرق، فلما بتدخل على طول وتشمه بتموت.
– ياعم طب ما دوكها اسمه ايه دهون اللي كان مع الراجل اللي اكتشف مقبرة توت عنخ آمون، ما هو مات راخر، ولا شم الهوا ولا هوب ناحية التربة من أساسه، ومش بس كده، ده حتى الداكتور اللي استلم الجثة هناك مات، وبنت الراجل انتحرت، وقطتها كمان انتحرت.
– ايه ده ياض يا سيد، انت عرفت المعلومات دي منين يا والا؟
– عيب عليك.. ما احنا بنقرا برضك.
– طيب يا فقيق، دي بتبقى حالات فردية، وبعدين ما انت شوفت بنفسك الواد محروس، مش ديك النهار طلع اللي تحت بيته وماحصلوش حاجة وشوف بقى عامل ازاي دلوقت، يااه.. ده ماحدش فيكي يا بلد بقى عارف يسلم عليه حتى.
– ايوة عندك حق، ده انا قابلته مرة و روحت اسلم عليه، بص لي بقرف ومشي، الواطي ابن صفية، داهية تاخده ما ترجعه.
– خلاص يبقى اتفقنا، احنا هنحفر ونتكل على الله، بس خلي بالك، إوعى أي حد ياخد خبر بالحكاية دي.
– لا معلوم، ماحدش هياخد خبر، بس انا قلقان أوي يا حمدي.
– جمد قلبك يا اخويا، بكرة لما تحضن الملايين وتنام على ريش النعام، الخوف هيروح و هتدعيلي.
– يا حلاوة يا ولاد، حقه يا والا لو حصل.
– هتعمل ايه؟
– هيه!.. لا مش عارف.
******
قطعت كلامه و سألته…
– وحفرت يا سيد؟
– لا ماحفرناش وقتها.
– ليه؟.. ايه اللي حصل؟
– حمدي اتقبض عليه عشان كان بيتعارك هو و أخوه ويا ناس في بلدهم وضرب واحد بالسكينة، ف اتعملته سبقة وخدله فيها سبع سنين، وعشان كده ماحفرناش.
بصيت له بغضب و قولتله…
– حفرت امتى يا سيد؟
ارتبك وقالي وهو بيحاول يخبي وشه…
– ما ما ما.. ماحفرتش يا شيح عرفان.
قومت وقفت و قولت لعبد الواحد…
-يلا يا عبد الواحد، سيد مش عايزنا نساعده.
قام وقف وهو بيمسك ايدي…
– اقعد يا شيخ عرفان، بالله عليك لاتقعد، انا هقولك الحقيقة كُلتها.
– اتفضل قول، بس لو كدبت عليا تاني مش هسمعك وهسيبك و أمشي، وساعتها الله اعلم بقى هيعملوا فيك ايه.
– لا لا انا مش هكدب عليك خالص وهقولك على كل حاجة، لما حمدي اتسجن الفكرة رجعت في نفوخي من تاني، والطمع دخل قلبي وقولت اهو كده اللي كان حمدي هياخده بقى كله بتاعي، والمقبرة هتبقى بتاعتي لوحدي، بس برضك خوفت، خوفت يكون اللي حصله ده علامة عشان مابدأش، لكن بعد فترة قررت أحفر، ماكنتش عارف هبدأ منين ولا ازاي، وعشان كده قولت هبدأ من ناحية الزريبة اللي في ضهر البيت، اهو.. لقيت حاجة أكمل، ولو مالقيتش يبقى ماخسرتش حاجة، جيبت ناس من بره البلد عشان تحفر من غير ما حد ياخد باله، كنا بنحفر بالليل ولما يطلع النهار كل حاجة بترجع زي ما كانت وبقفل باب الزريبة، الواد كان قايلي إن الاثارات على عمق 9 متر بس، لكننا حفرنا الـ 9 متر وبرضك مافيش حاجة ظهرت، وساعتها العمال بدأت تسأل، انا بحفر كل ده ليه، وبصراحة ماكنتش عارف أرد عليهم بإيه، بس لما فوقت و حسيت بغبائي إني مشيت ورا كلام واحد زي حمدي دهون، قولت للرجالة يرجعوا كل حاجة زي ما كانت تاني، و استعوضت ربنا في الفلوس اللي دفَعتِهِا، بس تاني يوم لقيت واحد جاي وبيخبط على الباب، كان غريب ماعرفوش، استقبلته وسألته…
– خير أؤمرني؟
– انا جايلك من طرف حمدي.
– حمدي!.. وانت تعرف حمدي منين؟
– مالكش صالح، حمدي بيقولك انت خونته وحفرت من وراه، استحمل اللي هيحصلك.
– انا مش بهددك، انا بنقلك الرسالة اللي حمدي بعِتهَالك وانتوا حُرِين مع بعض، سلاموا عليكوا.
بعد ما مشي فضلت قاعد مكاني في الفراندا هنا مش عارف افكر، ولا حتى عارف حمدي عرف منين اني بدأت حفر!. كنت خايف من تهدديه بصراحة، بس قولت هو لسه قدامه ياما على ما يخرج، وساعتها يحلها الحَلاَل، نمت يومها وماحطتش في دماغي، بس.. بس صحيت على حاجة غريبة، نعمة بنتي كانت واقفة فوق راسي، كانت بتزمجر وباصة ناحية الشباك، عينيها كان لونها أبيض خالص، مافيش سواد جواها، خوفت و قومت بسرعة وانا بقولها…
– مالك يا نعمة؟.. مالك يابتي؟
فضلت تزمجر وهي باصة للشباك، ف بصيت انا كمان عشان اعرف هي بتبص على ايه، لكني مالقيتش حاجة، وفجأة ضربتني بالقلم، كانت ضربة شديدة، مستحيل تكون هي اللي ضربتني، بعدها سابتني وخرجت، بس رجليها.. رجليها كانت مليانة طين، وكانت معلمة في الأرض، فضلت قاعد على السرير شوية وانا مش قادر أخد نفسي، خرجت بعدها أدور عليها في الصالة بس مالقتهاش، ولما سألت أمها، قالتلي ماشَفِتهَاش، يعني ايه ماشَفِتهَاش؟!
جريت على أوضتها وساعتها لقيتها نايمة في سابع نومة، انا ماكنتش بحلم، انا متأكد انها كانت في أوضتي وضربتني بالقلم، رجعت الأوضة بس مالقيتش أثر رجليها اللي كان على الأرض، ومن يومها يا شيخ عرفان والبت نايمة طول اليوم مابتقومش يا حبة عيني غير مرة أو اتنين، ولازم تمسك في حد فينا وتقعد تصرخ وتزعق، وكمان بتفضل تقول إن البيت ده بيتها وإننا لازم نخرج منه.
-طب نعمة فين دلوقتي يا سيد؟
– نايمة جوة زي عوايدها.
– طب انا محتاج اشوفها، ممكن تاخدلي طريق.
– اتفضل يا شيخ.
سبقنا سيد وقومت وراه انا وعبد الواحد، وقف عند الباب وقال وهو بيصقف بايديه…
– فضوا طريق يا ولاد.
بص لي بعدها وقال…
– اتفضل يا شيخنا.. اتفضل.
دخلت أوضة نعمة، كانت نايمة فعلاً، بس أول ما وقفت على الباب، قامت بهدوء وبصت لي وهي بتضحك ضحكة خبيثة، بصت لها بغضب، وسميت الله ودخلت الأوضة، كانت عيلة لسه عندها حوالي 16 سنة.
– ازيك يا نعمة؟
– الحمدلله، ازيك يا شيخ عرفان.
– ما شاء الله.. انتِ كمان عارفة اسمي.
– كلنا عارفين اسمك، مش انا بس.
– جميل.. جميل، وياترى ناوي تتعبني معاك ولا هتبقى ابن حلال وتمشي بأدب؟
– يا عرفان، انا انقذت صاحبك مرة، لكن مش هقدر انقذك ولا انقذه تاني، ماتجبرنيش أذيك.
– صدقني مش هخرج ولا انت تقدر تأذيني، لكن انا أقدر أذيك.
بصت ساعتها لعبد الواحد وسيد وكملت كلامها…
– وأذي عبد الواحد و أذي الطماع ده كمان، وفي الاخر هأذيها، هي مسكينة مالهاش ذنب، بس نعمل ايه في أبوها الطماع.
– ماشي، قولي انت عايز ايه بالظبط؟
– يسيبوا البيت ويمشوا حالاً.
– ليه؟.. ده بيتهم ومن حقهم.
– كان من حقهم، لكن الراجل الجشع ده اتنازل عن حقه لما فكر ياخد حاجة مش بتاعته.
– مين اللي باعتك، حمدي ولا حد تاني؟
– أكيد مش هقولك يا عرفان.
– بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حطيت ايدي على راس البنت ساعتها وبدأت أقرأ، ومع قرايتي.. زعقت في أبوها يمكسها كويس، ولما عبد الواحد قرب عشان يساعد، شاورت له يبعد وما يدَخَلش، كانت بتزمجر بصوت مخيف وبتصرخ، كنت بقرأ قرآن بصوت عالي، ماكُنتِش عايز احرقه، عشان كده طلبت من جابر يكتفه، وبعد دقايق البنت هديت في مكانها، بس صوت زمجرتها كان لسه عالي، برقت لها أو برقت له هو بمعنى أصح…
– إهدا بقى عشان احنا يومنا طويل مع بعض، هتقولي مين باعتك ولا لا؟
– م..ش.. هـ ت ك لم.
– ماشي.. وانا مش عايزك تتكلم، سيد هات ورقة وقلم.
خرج سيد دقيقتين وبعدين رجع ومعاه كشكول وقلم، خدتهم منه وحطيتهم قدام نعمة و مسكتها القلم، وبعد ما حطيتهم بصيت لها…
– اكتب طالما مش عايز تتكلم.
– بـ ر ضه، مـــش هت ك ل م.
– شكلك محتاج شوية كمان، اتوصى به شوية يا جابر.
زمجر شوية وبعدها صرخ وهو بيحرك ايده ببطء عشان أوقف…
– خلاص خلاص… هكتب هكتب.
– ايوا كده اعدِلِ لسانك ده واكتب اللي هسالك عليه.
– حاضر، حاضر.
– اسمك ايه؟
حرك ايده على الورقة وكتب بخط كبير جداً.. نيار!..
-تمام.. ومين اللي باعتك.
بدأ يكتب بس زعقت فيه و قولتله…
– صغر خطك، مش هنخلص الورق كله عشان سؤالين، كتب ساعتها وقال انه مش بيعرف يكتب عربي كويس، فرديت عليه بسخرية…
– معلش حاول، مين اللي باعتك؟
كتب اسم غريب ماعرفتش أقراه، فطلبت منه يعيد تاني، وساعتها قريت اسم مرعي، بصيت لسيد و قولتله…
– تعرف حد اسمه مرعي؟
وقتها المفاجأة كانت باينة على وشه، وعرفت الاجابة من قبل ما ينطقها، بس هو اتكلم بسرعة وقال…
– مرعي ده يبقى.. يبقى أخويا.
-أخوووك!.. تمام، قولي يا نيار، مرعي هو اللي باعتك ولا بيتعامل مع حد.
كتب ساعتها جملة طويلة و طول في الكتابة..
“بيتعامل مع ساحر اسمه قابيل”
– تعرف قابيل ده يا سيد؟
– لا مافيش حد اعرفه خالص بالاسم ده.
– طب وباعتينك ليه يا نيار؟
رد عليا وكتب “عشان اطفشهم من البيت”
– طب وبعد ما يطفشوا؟
” هيجي مرعي ويـ “، ماكنتش عارف أقرا الجملة، فزعقت فيه تاني…
– قولتلك اكتب كويس.
كتب تاني بخط كبير شوية وكانت الجملة اللي كاتبها ” هيجي مرعي ويشتري البيت بتمن قليل، وبعدها يحفر عن الاثار”
– يعني مرعي كان عارف موضوع الاثار؟
رد عليا وقال إنه كان عارف و إن مرعي هو اللي بلغ حمدي في السجن عشان يوقع الاتنين في بعض، وبعدها الجن يبدأ شغله في البيت وساعتها سيد يبدأ يفكر يخلص من البيت بأي شكل بعد ما يفتكر إنه مسكون بالعفاريت، وبعد كده، دور نيار خلص لحد هنا، وبعد ما خلص بصيت له و قولتله…
– انا هسيبك تمشي بس هاخد منك العهد انك ماترجعش هنا انت أو أي حد تبعك، وإلا ساعتها هحرقك أو هحرقه، و اديك شوفت جابر عمل فيك ايه في دقايق.
وفعلاً بعد ما خدت عليه العهد خرج من جسم نعمة، ورجعت بعدها طبيعية زي ما كانت، حصنت البيت عشان اللي حصل فيه وبعدها خرجنا بره انا وعبد الواحد وسيد وقعدنا في الفراندا، وساعتها بدأت كلامي لما قولتله…
– شوفت أخرة الطمع، ادي أخوك هو كمان طمع والشيطان دخل ما بينكوا، كان ليه كل ده من الأول يا سيد؟
– والله ماكنتش عايز أدخل السكة دي، بس حمدي منه لله زن على دماغي لحد ما شيطاني اتملك مني وغواني بالفلوس اللي هتيجي من ورا الحكاية دي.
– اديك عرفت ان مابيجيش من وراها غير المشاكل و وجع القلب، وعايز اقولك على حاجة، بيتك لا تحته اثار ولا نيلة، حمدي قريبك كان ماشي مع ناس واكلين دماغه بالموضوع ده وعقله اتلحس بيه، ولما حاول يجربه في بيتهم وما عرفش عشان أخوه وقفله و زعقله وقال عليه مجنون، جه يجربوا فيك انت عشان لو البيت وقع يوقع على دماغك انت واهلك، وهو مالوش دعوة، ولو صدفت معاكوا وطلعتوا حاجة يشاركك فيها، فهمت بقى انت كنت هتعمل في نفسك وفي عيالك ايه.
– انا غلطت فعلاً زي ما بتقول يا شيخ عرفان، انا كان لازم عقلي يبقى في راسي و اعرف إن مافيش حاجة ببلاش وإن اللي عايز ثروة لازمن يتعب ويكد عشان يبنيها، مش يستنى تجيله على الجاهز زي حمدي، انا هرجع أزرع أرضي من تاني واكسب رزقي بالحلال، وساعتها ربنا هيباركلي فيها تاني زي ما كان مباركلي الأول.
– صح كده يا سيد، ونصيحة مني سامح أخوك، هو كمان الشيطان ضحك عليه زي ما ضحك عليك.
– مش عارف اذا كنت هقدر ولا لا يا شيخ عرفان!
– طب ابعت هاته.
– دلوقت؟!
– ايوة، ابعت هاته عشان اصالحكوا على بعض وكمان عشان اضمن إنه مايمشيش في سكة قابيل ده تاني.
– حاضر اللي تشوفه.
بعت فعلاً طلبه، وبعد نص ساعة كان مرعي قاعد معانا، اتفاجئ أول ما شافني انا وعبد الواحد، بس المفاجأة الأكبر بالنسبة له كانت لما عرف إننا كشفنا كل اللي بيعمله، حاول في الأول يكدب وينكر كل حاجة، بس لما قولتله على اسم قايبل وشاف الورق اللي نيار كتبه، سكت وبص في الأرض بخجل، اعترف بعدها بغلطه وندم عليه، لكني خدت وقت كتير وانا بتكلم مع الاتنين عشان اقنعهم إن البيت فعلاً مافيش تحته اثار وإن كل اللي بيتقال ده خرافة، ايوة.. ما انا كنت عايز اتأكد عشان مامشيش من هنا والاتنين يتفقوا مع بعض ويحفروا سوا بعد ما اتصالحوا، وبعد ما خلصت، في الآخر قومت عشان أمشي، بس مسكوا فينا نبات ونمشي الصبح، مارضيوش يسيبونا خالص نمشي ليلتها، ف اضطريت أوافق على كلامهم خصوصاً إن الليل كان دخل فعلاً والمواصلات هناك كانت صعبة، ومع شروق الشمس شوفت أحلى منظر شوفته في حياتي، أرض خضرا على مدى البصر مع صوت العصافير، بس للأسف ماكنش في غير وجه عمك عبد الواحد جنبي ساعتها.
******
ضحكنا كلنا أول ما الشيخ عرفان قال كده، حتى عم عبد الواحد ضحك وهو بيقوله…
– كده يا عرفان!.. ماشي، انا غلطان اصلاً إني كنت باجي معاك المشاوير دي.
– لامؤاخذة يا عبد الواحد الافية حكمت.
– ولا يهمك، انا هقوم انزل بقى عشان اشوف الدكان.
وقتها قال عم عطوة…
– استنى خدني معاك يا عبد الواحد أروح انا كمان.
قالهم الشيخ عرفان…
– ما انتوا قاعدين شوية.
– لا انا هروح عشان زمان الواد جابر لايص لوحده.
– وانت يا عطوة وراك ايه؟
– لا انا كفاية اوي عليا كده، يدوب أروح أخد العلاج وافرد ضهري عشان ماعوتش قادر.
– ماشي، ربنا مايحرمني منكوا يارب.
وصلهم لحد الباب وبعد ما مشيوا قفل الباب و رجع تاني، بص لي وبعدين قعد مكانه، فضل ساكت وهو بيبص لي كل شوية لحد ما قالي في الاخر…
– ماهو يا تقول اللي قعدت عشان تقوله يا تقوم تروح لمراتك وبنتك.
ضحكت وانا بقوله…
– بتطردني يا شيخ عرفان، ماشي، انا فعلاً قاعد عشان اسألك، هي ايه ريحة البخور اللي كانت معبية الشقة أول ما دخلت دي ليه؟.. انت.. انت ناوي ترجع جابر؟
– وهو جابر محتاج بخور عشان يرجع!.. انا كنت بعطر الشقة بس عشان ريحتها تفضل حلوة.
– شيخ عرفان، انا ابنك، صارحني لو في حاجة، وانا أوعدك مش هقول لحد.
– عايز تعرف ايه يا محمد؟
– انت اتأكدت من كلام أزاد؟
بص في الارض وبعدين اتنهد وقالي…
– ايوة، حماتك ماتت بسبب أذيتهم.
كنت حاسس إن دي الاجابة عشان كده قاعد في البيت مابيخرجش، بلعت ريقي وسألته بقلق…
– و ناوي تعمل ايه؟
– هعمل ايه يعني؟.. انا في ايدي ايه اعمله؟!
– يا شيخ عرفان.
– صدقني ماعرفش، ماعرفش انا ليه اتأكدت من كلام أزاد، وماعرفش إذا كنت انا السبب فعلاً عشان كنت بساعد الناس ولا ده قدرها ومكتوب عليها، ماعرفش أي حاجة ومتلخبط يا محمد، عشان كده أرجوك.. أرجوك ماتضغطش عليا وسيبني لوحدي الفترة دي، و اديك بقيت عارف كل حاجة، ساعدني بقى و ابعد ياسمين عني الفترة الجاية، انا فعلاً محتاج أكون لوحدي عشان أقدر أفكر.
– تفكر في ايه؟!.. شيخ عرفان انت مش هينفع تدخل السكة دي تاني.
– ماتقلقش يا محمد وسيبها لله، سيبها لله وقوم روح بقى عشان انت كده اتأخرت على ياسمين وملك، وماتنساش، ياسمين ماتعرفش أي حاجة، اتفقنا.
هزيت راسي بقلة حيلة وقولتله…
– اتفقنا يا شيخ عرفان، اتفقنا.
نزلت من عنده وانا قلقان عليه جداً، يا ترى ناوي على ايه بعد ما اتأكد من كلام أزاد؟.. هل فعلاً هيرجع للعالم ده تاني وينتقم لمراته، ولا فعلاً مش هيقدر يواجههم وهيخليه في حاله؟.. أكيد انتوا كمان قلقانين زيي على الشيخ عرفان وعايزين تعرفوا هيعمل ايه؟.. بصراحة، لحد دلوقتي انا مش عارف، بس أكيد لما أعرف هرجع و أطمنكوا، سلاموا عليكوا.
تمت